الرئيسية خبر وتحليل خبر وتحليل / دلالات إدانة القضاء الفرنسي لزعيمة اليمين المتطرف (مارين لوبن)

خبر وتحليل / دلالات إدانة القضاء الفرنسي لزعيمة اليمين المتطرف (مارين لوبن)

في يوم تاريخي في فرنسا (على حد وصفها الصحف الفرنسية)، أصدر القضاء الفرنسي (محكمة الجنح) قبل أسبوعين حكماً بالسجن (4 سنوات) بحق زعيمة الحزب اليميني الفرنسي المتطرف (مارين لوبن)، بجرائم تتعلق باختلاس أموال عامة قدرها (4 ملايين يورو)، مع منعها من الترشح للإنتخابات لمدة (5 سنوات)، مع إمكانية إطلاق السراح بعد مضي سنتين في السجن وقضاء المتبقي منها بسوار إلكتروني ضمن مكان جغرافي محدد أشبه بالإقامة الجبرية. حيث وصفت القاضية حزب التجمع الفرنسي أثناء نطق الحكم (أنهُ قد تورط بأكبر وأطول عملية فساد بالنسبة لحزب فرنسي، والذي قوض بشكل كبير الروح الديمقراطية بفرنسا).
ونظراً لتجاهل الكثير من وسائل الإعلام والصحف العراقية ومراكز الدراسات عموماً بتحليل مضامين ودلالات هذا الخبر وتداعاياته على الحياة السياسية في فرنسا ومستقبل اليمين المتطرف في باريس وأوروبا عموماً، كتبت هذه الأسطر لتوضيح دلالات وتداعيات هذا القرار وكما يلي:

1. إنَ حكم القضاء الفرنسي هذا يمكن القول بأنهُ أحدث زلزال سياسي في فرنسا، لأنَ حكم القضاء بعدم أهلية (مارين لوبن) للترشح للإنتخابات خلال خمسة سنوات يعني أنها لن تكون قادرة على منافسة (ماكرون) في الانتخابات الرئاسية عام 2027، والتي كانت تشير استطلاعات الرأي إلى إمكانية فوزها بسهولة، بسبب الشعبية الكبيرة التي يحظى بها حزب التجمع الوطني الفرنسي وشخصية (مارين لوبن) المتطرفة، خصوصاً أنَ قرار الحكم الفرنسي قد أضاف توصيف (التطبيق الفوري) لفقرة منع الترشح، للإشارة إلى أن تفصيلة هذه الفقرة غير قابلة للإستئناف.

2. وفي ظل دوامة التساؤلات حول شكل ونوع التحركات والتغييرات التي سيجريها حزب التجمع الوطني الفرنسي، أطلقت (لوبن) اتهامات غير مسبوقة للقضاء الفرنسي ووصفته (بالقضاء المسيس)، ومحاولته التأثير على الديمقراطية، وما إذا كان هناك ما تبقى من ديمقراطية في فرنسا. وفي خضم ذلك يمكن توقع تحركات الحزب الفرنسي بهذا الصدد في:
● تفعيل جهود التكتل البرلماني للتجمع الفرنسي المتطرف في إزعاج حكومة ماكرون وإعداد مسودة قانون (طرح الثقة)، ومحاولة إسقاط الحكومة.
● اللجوء للشارع بتظاهرات مستمرة بين مدة وأخرى.
● عقد اللجنة العامة للحزب سلسلة من الاجتماعات حول إمكانية طرح مرشح بديل عن (لوبن) لسباق الترشح للإنتخابات الرئاسية مثل (جوردان باردلا)، مع ضبابية فيما إذا كان يمتلك ذات الحظوظ التي كانت تتمتع بها (لوبن)، لاسيما وأنهُ أيضاً يواجه دعاوي قضائية عدة منها تقديم أدلة مفبركة ومزيفة للقضاء، أو نائب (لوبن) في التجمع الجمهوري الذي حكم عليه لمدة (18) شهراً بالسجن، (12) شهراً منها مع إيقاف التنفيذ، مع التريث في تنفيذ فقرة الإيقاف الفوري عن مدى أهليته للترشح للإنتخابات، أو طرح أسم(ميشيل آليو)، الذي يُعد أكثر خبرة من (جوردن باردلا).

3. وفيما يتعلق بالتداعيات السياسية لهذا الأحكام، يمكن القول بأن هناك سيناريوهين أمام حزب التجمع الفرنسي:
*السيناريو الأول:* إسقاط الحكومة وإحداث فوضى مرغوبة، وتأليب الرأي العام الفرنسي ضد الرئاسة الفرنسية، لاسيما جمهور الحزب البالغ عدده (13) مليون ناخب حسب نتائج الإنتخابات السابقة.
*السيناريو الثاني:* وضع بديل (نظيف) قضائياً ومقبول سياسياً بصورة واسعة للاستعداد للإنتخابات المقبلة، وفي حال الفوز بالإنتخابات، يروم الحزب طرح استفتاء لتغيير الدستور الفرنسي، وتفكيك المنظومة السياسية والقضائية من الداخل، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل السياسة والجمهورية الفرنسية في حال فاز اليمين المتطرف بالإنتخابات.
ومن ناحية أخرى قد يلجأ حزب التجمع الوطني الفرنسي إلى تقديم بعض التنازلات مقابل الدخول في تحالفات سياسية قد تضمن له الفوز.
كما أنَ لحزب التجمع الفرنسي إمتدادات أوروبية عابرة لفرنسا كيمين متطرف، تلك الإمتدادات المتطرفة التي قد تمارس ضغوطاً عدة لإيجاد تسوية مقبولة بقضية (لوبن)، لاسيما بعد تصريحات رئيس المجر (فيكتور لوبان) بأنَ ( ما حصل مع لوبين عبارة عن بداية فلم سيء سخيف، هدفه منع الأحزاب اليمينية من الحضور الفاعل في المؤسسات الأوروبية).
إنَ قرار القضاء الفرنسي بهذا الصدد سيعطي قوة سياسية لليسار الفرنسي في خطابه الانتخابي للناخب الفرنسي، لاسيما وأنَ فضيحة اليمين المتطرف ستستخدم كورقة تحشيد قوية في ظل اتهامات اليمين المتطرف للقضاء بشكل غير مسبوق، وبالتالي سيدعو اليسار الفرنسي إلى احترام منظومة الفصل بين السلطات، والكف عن العبث بقيم الجمهورية الفرنسية.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version