
فكر صح
في كل عام، تثار ذات الأسئلة والمطالبات من جهات عدة عند إنتهاء العام الدراسي وبدء العطلة الصيفية ومن ثم عودة الدوام من جديد، حول مدى أحقية (المعلم، المعلمة)، في التوقف عن الدوام بالعطلة الصيفية ومنحهم الراتب كاملاً خلال تلك العطلة، في حين أن بقية موظفي الدولة ملتزمون بالعمل دون أنقطاع.
في الحقيقة، أخذت هذه المطالبات تزداد في المدة الأخيرة، ووجدنا من باب نشر الوعي الحديث عنها والتأكيد على حق (المعلم، المعلمة) بالعطلة وذلك لعدة أسباب:
1. إنَ غالبية الوظائف في الدولة العراقية تتعامل مع أمر واحد ومهمة واحدة تقريباً، بينما المعلم أو المعلمة لا يتعاملون مع طالب واحد في صف واحد وبموضوع واحد، إذ يتعاملون مع صف به ما يقارب (50) طالب، واضربها في عدد الحصص والمراحل الدراسية المختلفة التي يدرسون بها، ليصبح واقع التعامل اليومي ما يزيد ربما عن (200) طالب كأقل تقدير يومياً، وخلال بضعة ساعات قليلة.
2. مطلوب من المعلم والمعلمة إكمال الدرس وإيصال المعلومة لكل الطلبة وضمان استيعابهم لها، مع حفظ أسماءهم كاملة، وضمان أن يشارك الجميع في الدرس، مع إجراء امتحانات دورية وربما يومية بصورة شفهية وتحريرية لهم، وهو أمر مرهق للغاية.
3. إنَ أولياء أمور الطلبة عندما يعودون من العمل وهم متعبين، فهم لا يستطيعون التعامل مع أبناءهم الطلبة وتدريسهم ومساعدتهم بإكمال الواجب بالبيت بسبب التعب، في حين أن المعلم والمعلمة مطالبين بالتعامل مع عدد هائل منهم يومياً، إلى جانب أطفالهم في البيت.
4. إنَ المعلمة أو المعلم مطالب أن يحفز الطالب على التعلم والتفكير والسلوك الصحيح والتعاون واحترام الآخرين، ويراعي الفروقات الفردية بين الطلبة، وتشخيص أنماط ذكاءهم ومستوى الفرق الإدراكي بين طالب وآخر، ويقييم ويقوم كل طالب على حدة ويضع الدرجات قياساً لذلك لكل طالب.
5. إنَ المعلم والمعلمة في العطلة الصيفية يشارك إلزامياً بدورات التقوية والإطلاع على أحدث المعلومات بمجال تخصصه، وبالتالي هو لا يستريح بالشكل المتخيل لدى الآخرين في العطلة.
كل هذه الحالات وغيرها مطالب بها المعلم والمعلمة أن يؤديها بصورة يومية وخلال 45 دقيقة في كل صف دراسة، وهي عملية مرهقة ذهنياً وجسدياً ونفسياً وصحياً، هذا إذا لم نحسب ضغط العمل الكتابي والإداري ومشاكل البيت لدى المعلم والمعلمة، هذه الأشياء تستنزف طاقة وجهد وصحة المعلم والمعلمة طيلة العام الدراسي، وبالتالي فهم بحاجة إلى راحة لإعادة شحن النفس والجسد وامتصاص الضغوطات وتنفس الحياة من جديد، شأنهم في ذلك شأن الطلبة في العطلة الصيفية.
البعض من الموظفين قد يعترض ويقول أن هذه طبيعة عمله وعليه أن يتحمل، لذلك نقول لهم:
جرب بنفسك أن تتعامل مع 200 مراجع ومواطن يومياً خلال مدة 6 ساعات وعلى مدى عدة أشهر، حينها ستشعر بقيمة وأهمية وتعب الهيئة التدريسية، فنسبة كبيرة من الموظفين لا يستطيعون التعامل مع أطفالهم بالبيت وتدريسهم بالشكل المريح والمطلوب، فكيف بالمعلم والمعلمة وبذلك العدد الهائل بالمدرسة!!.